٠٤‏/٠٦‏/٢٠٠٧

إيمنيم نجم أبيض في رداء السود


لم يعد من الصعب على أي شخص أن يصبح مشهورا، فماكينات الدعاية العملاقة مستعدة لتحويل أي شخص عادي إلى نجم كبير، لكنها في الوقت نفسه تفشل في صنع ظاهرة تبقى فترة طويلة في أذهان الجميع.

لكن النجم الأبيض "مارشل بروس ماثرز" أو كما أطلق على نفسه "إيمنيم" حول نفسه إلى ظاهرة واستطاع اقتحام بيت السود، والغناء معهم بل والتفوق عليهم، ورفع اسم موسيقى الراب عاليا، بعد أن كانت موسيقى شعبية خاصة بالسود في أمريكا.

يوميا كان يعود مصابا والسبب واحد، وهو محاولة الغناء مع السود بعد رحلته اليومية عبر شارع "8 مايل" الذي يفصل بين مدينتي السود والبيض في ديترويت، لكن إيمنيم لم ييأس حتى قام "دكتور دري" أحد منتجي مغني الراب الشهير باكتشاف إيمنيم، وإنتاج أول ألبوم حقيقي له تحت عنوان"The Slim Shady LP"، والذي حقق نجاحا كيبرا.

وتجاوز إيمنيم بنجاحاته زملاءه في الوسط الغنائي؛ حيث اتجه بأغانيه وكلماته إلى شاطئ جديد تلاقت عنده أحاسيسه وتمرده مع الجمهور الذي أحبه كمتمرد وأصبح أكبر من أن يحصى في العالم.

واستطاعت ألبوماته طرق باب النجاح بقوة بدءا من فوزه بالجرامي عدة مرات، وصولا لفوزه بأعلى الجوائز العالمية وهي الأوسكار عن أفضل أغنية معدة للفيلم، وهي
"Lose Yourself"
في فيلم "8 مايل" ، والذي تناول قصة حياة إيمنيم تقريبا بصورة كبيرة؛ حيث دار عن قصة شاب أبيض يعيش في ديترويت ويحاول الغناء مع السود، وحققت أغنيته في الفيلم أعلى مبيعات في تاريخ إيمنيم كأغنية فردية.

لم تخرج أية أغنية بصوت "إيمنيم" إلا من عقله أولا، فهو لا يغني إلا ما يكتب، ما أعطاه مصداقية عالية لدى جمهوره، كما أن لديه قدر كبير من التصالح مع النفس مكنه من انتقاد أي شيء يراه سلبيا، بداية من طفولته الصعبة مرورا بزملائه، والعري الذي يملأ قنوات الأغاني، وهو أمر صعب توقعه من أي مطرب في مجتمع مفتوح كالولايات المتحدة.

ففي المجتمع الأمريكي الكل يخاف أن ينعت بالمتخلف حضاريا، لكن إيمنيم لم يجد حرجا في انتقاد زملائه؛ حيث هاجم تعري جيسيكا سيمبسون وماري كات وأشلي وبريتني سبيرز ومادونا، إلى جانب انتقاده اللاذع لنجم البوب مايكل جاكسون من خلال أغنية كاملة هي

"Just lose it"
والتي عبر فيها عن رفضه لعمليات التجميل التي أجراها جاكسون.

وفي أحد مشاهد هذه الأغنية، كان إيمنيم يرتدي قناع جاكسون وفجأة تسقط أنفه، ويبدأ في البحث عنها، ويلي ذلك انتقاد القضية التي نالت كثيرا من شهرة جاكسون وهي تحرشه بالأطفال؛ حيث يجلس إيمنيم بقناع مايكل وخلفه أطفال يلعبون على سرير إيمنيم، و الرسالة واضحة طبعا.

وتجاوز إيمنيم في انتقاداته نجوم الفن، ليهاجم نفسه شخصيا من خلال أغنية
"When I am gone"،
و يتخيل فيها أن طفلته وزوجته يتخليا عنه بسبب سفره وبعده الدائم عنهم، الأمر الذي يقوده إلى قتل نفسه على المسرح أثناء أحد حفلاته، لكنه يستيقظ من النوم ليقبل طفلته وزوجته.

كما هاجم إيمنيم جمهوره أيضا الذي وصفه بأنه يزعجه كثيرا فهو لم يعد قادرا على العيش حياة طبيعية، وهو أمر لم نعده من أي نجم مطلقا، لكن إيمنيم لم يخف على نجوميته فهو يقول ما يدور في عقله دون خوف.

وقبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، قام إيمنيم بطرح أغنية
"Mosh"
وجه فيها انتقادات حادة للرئيس جورج بوش الرئيس وحمله مسؤولية القتلى الأمريكان الذين يعودوا كل يوم إلى البلاد من العراق .

وكانت هذه الأغنية لها تأثير كبير على شعبية إيمنيم بالإيجاب، لأن الجمهور كان دائم السؤال عن توجهات إيمنيم السياسية، وقد ظهرت واضحة للغاية في تلك الأغنية.

ظاهرة إيمنيم تستحق الدراسة فهو الأبيض الوحيد الذي استطاع تحدي السود والحصول بعد ذلك على احترامهم أولاً ثم حبهم الشديد له، وهي معادلة يمكن القول إنها من المستحيل تحقيقها في ظل مجتمع عنصري، مثل المجتمع الأمريكي، فحتى الآن لا يستطيع أسود دخول ولاية مسيسبي، بينما يوجد حي يسمي هارليم في معظم ولايات أمريكا لا يستطيع أي أبيض دخوله إلى جانب العديد من مظاهر العنصرية.

لكن إيمنيم استطاع تنحية تلك العنصرية جانبا وتوحيد البيض والسود على شخصه وغنائه وكلماته، التي لمست كل مشاكل الأمريكيين تقريبا.